
جدل الإفطار علنا في نهار رمضان.. بين الحريات الفردية وصون العقيدة
هبة بريس- عبد اللطيف بركة
شكلت واقعة توقيف حوالي 84 شخص بمطعم وسط مدينة الدارالبيضاء ، بحر الأسبوع الجاري ، وهم يجهرون بالإفطار بنهار رمضان، مناسبة جديدة تجدد فيها النقاش داخل المجتمع المغربي حول قضية الإفطار علنا أمام الناس وهم صيام، بعد ان توبعوا بتهمة المجاهرة بالإفطار، الواقعة أثارت من جديد جدلاً واسعًا بين مؤيدين لتطبيق القانون ومعارضين يرون في ذلك انتهاكًا للحريات الفردية.
هذه الحادثة تسلط الضوء على التحديات القانونية والاجتماعية المتعلقة بتطبيق القانون الجنائي المغربي، وخاصة المادة 222 التي تعاقب من يعلن إفطاره في الأماكن العامة خلال رمضان.
– حماية القانون وحريات الأفراد
القانون الجنائي المغربي ينص على معاقبة من يُفطر علنًا في نهار رمضان بدون عذر شرعي بالحبس والغرامة، وهو ما يراه البعض إجراء ضروريًا لحماية المشاعر الدينية للمجتمع وصون عقيدته، ومع ذلك، يعارض آخرون هذا التوجه، معتبرين أن القانون يجب أن يتماشى مع التطورات الاجتماعية ويعزز احترام الحريات الشخصية، بما فيها حرية المعتقد.
وفي هذا السياق، يرى بعض الخبراء أن القوانين السارية منذ سنوات طويلة قد تكون قديمة وغير متوافقة مع التوجهات الحديثة للمجتمع المغربي الذي أصبح أكثر تنوعًا في مواقفه الدينية والثقافية،كما أن هناك من يعتقد أن تطبيق هذه القوانين قد يؤدي إلى تعزيز أجواء من عدم التسامح بين المواطنين، وخلق حالة من الخوف والضغط الاجتماعي خلال شهر رمضان.
– الجانب القانوني والجانب الاجتماعي
لا شك أن المادة 222 من القانون الجنائي تعتبر نقطة انقسام بين مؤيدين ومعارضين، من جهة، يرى البعض أنه يجب على القانون أن يحمي المجتمع من الأفعال التي قد تثير مشاعر الأغلبية وتضر بالانسجام الاجتماعي، وخاصة في مجتمع محافظ، ومن جهة أخرى، يشدد البعض على أهمية إلغاء مثل هذه المواد القانونية التي قد تكون غير متوافقة مع الحريات الفردية في العصر الحالي.
إن تطبيق هذه القوانين يثير أيضًا تساؤلات بشأن التوازن بين حماية القيم المجتمعية من جهة، وبين احترام الحق في الاختيار الشخصي من جهة أخرى، فالبعض يرى أن الحق في الاختلاف يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من النظام القانوني، وأن حرية الضمير يجب أن تكون محمية دون تدخل من الدولة في ممارسات الأفراد الشخصية في أماكن خاصة.
– الإفطار في الفضاء العام..الفقه والعادات
من الناحية الفقهية، يثير الجدل مسألة تجريم الإفطار العلني في رمضان، إذ أن الفقه الإسلامي لا ينص على عقوبة للمفطر علنًا في حال عدم وجود عذر شرعي، بل يتحدث عن كفارة فقط.
ويرى بعض المفكرين أن القوانين التي تُجرم الإفطار في رمضان قد تكون أكثر تشددًا من الفقه الإسلامي التقليدي، مما يطرح تساؤلات حول مدى حاجة المجتمع المغربي إلى هذه التشريعات في ظل تحولاته الاجتماعية.
– ضرورة التطبيق العادل للقانون
على الرغم من الجدل الدائر حول الموضوع، يظل من المهم أن يتم تطبيق القانون بطريقة عادلة وشفافة تراعي حقوق الأفراد وتحترم عقائدهم، مع الأخذ في الاعتبار أن القانون ليس فقط أداة للعقاب، بل وسيلة لحماية السلم الاجتماعي والحفاظ على توازن المجتمع، فالهدف يجب أن يكون في النهاية هو تعزيز التفاهم المتبادل والاحترام بين مختلف فئات المجتمع، سواء في ما يتعلق بالدين أو بقضايا الحريات الفردية.
في خضم هذه النقاشات القانونية والاجتماعية، يبقى السؤال الأساسي هو كيف يمكن للمجتمع المغربي التوفيق بين حماية القيم المجتمعية وحماية الحريات الشخصية للأفراد؟ هذا السؤال يطرح تحديات كبيرة أمام المشرعين وصناع القرار، الذين عليهم مراعاة التطورات الاجتماعية والاحتفاظ بتوازن يحمي النظام العام الذي يستمد جزء كبير من قوانينه من الشريعة ويحترم الاختيارات الشخصية للأفراد بحكم الانخراط في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
ولكن يبقى الشارع المغربي في عمومه يعارض فكرة الإفطار جهرا في رمضان، وهو ما يسير في اتجاه ان حتى روح الديمقراطية تنبني على رأي الأغلبية، والكثير يحدد ان مسألة الإفطارأمر شخصي لكن إذا كان الفرد افطر بمنزله لوحده، دون حتى الجهر أمام عائلته فذلك يعتبرا مسا بمشاعر الآخرين.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X