
إنفلات بيئي في ليلة الخميس الأسود بأكادير
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في مساء يوم أمس الأربعاء 19 مارس 2025، شهدت مدينة أكادير حادثة تمثلت في ظهور حفرة كبيرة بشارع محمد الخامس أرقى شوارع المدينة، والذي لم يكن مجرد خلل عابر، بل أعقبته بعد ذلك فاجعة أخرى بيئية كشفت عن ضعف في التدبير والبنية التحتية للمشاريع.
هذه الحفرة العميقة ظهرت في الشارع الذي تم تجديده قبل سنتين في إطار مشروع ملكي يهدف إلى تحسين التهيئة الحضرية في المدينة في الفترة من 2020 إلى 2024، ما دفع العديد من الجهات المعنية للتساؤل حول مدى فاعلية هذه المشاريع ومدى جاهزيتها لاستيعاب التحديات البيئية المحتمل وقوعها.
– تفاصيل الحفرة العميقة وبلاغ الجماعة الحضرية
على إثر حادثة ظهور الحفرة العميقة، أصدرت الجماعة الحضرية لأكادير بلاغًا للرأي العام، أكدت فيه أن الحفرة ناجمة عن انزلاق للتربة بسبب عطب في قناة تصريف المياه العادمة، مما أدى إلى انهيار جزء من البنية التحتية للشارع. هذا التفسير، يحدد تسرب المياه العادمة كسبب رئيسي للانهيار، يثير تساؤلات حول مدى التقدير السليم من الجهات المختصة لأثر المياه العادمة على الأرضيات والمنشآت الحديثة.
لكن، من جهة أخرى، لم تَخْلُ الحادثة من انتقادات حادة من أعضاء المعارضة داخل مجلس المدينة، الذين انتقدوا بشكل قاسٍ طريقة تدبير المشاريع الحضرية في أكادير، مشيرين إلى عدد من الحوادث السابقة التي كشفت عن عيوب في البنيات التحتية التي أنشئت مؤخرًا، ليؤكدوا على ضرورة إعادة تقييم فاعلية هذه المشاريع.
– التحول المأساوي…تسريب المياه العادمة في منطقة صونابا
ما حدث في الساعات الاولى من الخميس 20 مارس كان أشد قسوة، حيث اضطرت السلطات إلى تحويل مسار المياه العادمة إلى منطقة صونابا القريبة من القصر الملكي، هذه المياه، التي تجاوزت آلاف الأمتار المكعبة، تسربت إلى الأراضي المجاورة، مما حول المكان إلى برك سوداء من المياه الملوثة، بعض المعنيين اعتبروا هذا القرار بمثابة الخيار الوحيد المتاح في تلك اللحظة لتجنب إرسال المياه العادمة إلى الشاطئ، لكن آخرين اعتبروا أن هذا التصرف كان بمثابة خطأ بيئي ذو تداعيات خطيرة، ليس فقط في الوقت الراهن بل أيضًا في المستقبل.
وحتى إذا كان القرار يبدو منطقيًا في سياق الأزمة الحالية، فإنه يعكس أيضًا ضعفًا في تدبير الأزمات وحسن اتخاذ القرارات تحت الضغط، خاصة عندما يتعلق الأمر بتأثيرات هذه الخطوة على البيئة المحيطة.
– التأثيرات البيئية على المدى الطويل…خطر على الأرض والمياه
ما وقع في منطقة صونابا ليس مجرد أزمة مؤقتة، بل يمكن أن تترك آثارًا بيئية خطيرة، خاصة على التربة والمياه الجوفية، المياه العادمة التي تسربت إلى هذه الأراضي ستكون قد تركت وراءها أثارًا مدمرة من شأنها أن تؤثر على الصحة العامة وجودة البيئة المحيطة، كما أن ارتفاع مستويات تلوث المياه في المنطقة قد يهدد صحة السكان المجاورين ، مع تأثيرات سلبية على الحياة البرية والنباتية.
– الأزمات والتداعيات..غياب التنسيق والتنفيذ المتسرع
البعض يرى أن التداعيات البيئية التي شهدتها المدينة تعود إلى تنفيذ المشاريع الملكية بشكل متسرع، مما جعلها عرضة للعديد من العيوب.
الانتقادات التي وجهت كانت بسبب توالي الأحداث بعضها ارتبط بالطبيعة ” التساقطات المطرية ” والبعض الاخر بشري يتعلق بسرعة الإنجاز وعدم إجراء دراسات كافية تكشف عن نقص في التنسيق بين الجهات المختصة.
مثلا الأمطار الأخيرة التي أغرقت شوارع المدينة تشير أيضًا إلى وجود خلل في الدراسات المتعلقة بتصريف المياه، في وقت كان يُفترض فيه أن تكون المدينة مجهزة ببنية تحتية قادرة على التعامل مع التغيرات المناخية بشكل فعال.
– التأثيرات على البنية التحتية والممتلكات
تسرب المياه العادمة له تأثيرات مباشرة على البنية التحتية والممتلكات في المنطقة. من أبرز هذه التأثيرات:
تدهور البنية التحتية: تآكل الطرق والممرات بسبب تسرب المياه الملوثة قد يؤدي إلى ظهور الحُفر والمطبات في الشوارع. كما أن انسداد الأنابيب وتدمير شبكة الصرف الصحي يعطل خدمات المرافق العامة الأساسية كالكهرباء والمياه، مما يؤثر سلبًا على جودة الحياة.
الأضرار على الممتلكات: تسرب المياه العادمة إلى المناطق السكنية والتجارية يؤدي إلى تراجع قيمة العقارات بسبب السمعة السيئة للمناطق المتضررة. كما أن تكاليف الصيانة المرتفعة لإصلاح الأضرار الناتجة عن التلوث تشكل عبئًا إضافيًا على السكان والمستثمرين.
إن تأثير تلوث المياه على العقارات والممتلكات يتجاوز الجانب المالي، ليشمل أيضًا صعوبة بيع هذه الممتلكات في المستقبل، مما يعكس تداعيات سلبية على السوق العقاري في المنطقة.
– ليلة الخميس الأسود أزمة تحتاج لحلول جذرية
ما وقع في أكادير خلال ليلة الخميس الأسود ليس مجرد حادث عابر، بل هو بمثابة ناقوس خطر يدق في وجه القائمين على مشاريع التهيئة الحضرية. يتطلب الوضع الحالي استجابة سريعة وفعّالة، ليس فقط للتعامل مع تداعيات الأزمة البيئية الحالية، بل لضمان اتخاذ تدابير وقائية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث، خصوصا ان البلاد مقبلة على احتضان تظاهرات عالمية،مما يستدعي قبل الدخول في تحديد مسؤولية ما وقع وترتيب الجزاءات لذلك، لابد من تقييم جدي ومدروس لكل المشاريع التي شهدتها المدينة في الأربع سنوات الماضية.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X